الجمعة، جمادى الأولى ١٣، ١٤٣٠

بلا لون


بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم يوم أحد،،عادة أستيقظ على رائحة القهوة وخطوات ماما التي أترقبها قبل أن تفتح باب الغرفة لإيقاظي أنا وأختي،،فأقوم وأضمها إلى صدري وأتجه إلى مائدة الطعام أخطف نظرة على الطعام الشهي الذي ينتظرني،،ثم أعود بسرعة وأستعد للجلوس بقرب ماما،،لتأتي أختي وتنزعني من المكان تأخذه!!
طبعا بعد عدة محاولات من المقاومة لكن دون جدوى أستسلم أمام نظرات ماما وهي تضحك ،،وتوحي لي بأن : لا بأس..ثم صوت أختي المزعج الذي يوحي بانتصارها!!
لكن اليوم،،استيقظت لوحدي،،وكل عرق من جسمي ينبض بالشوق لوالدي،،فقد طال غيابهما ،،واستقر الحزن بقلبي...
كان هناك هدوء قاتل بالبيت ،،ترقبت الساعة فكان الوقت مبكرا،،قاطعني صوت قطتي وهي تنادي لأضع لها طعامها....ثم ،، وحيدة على مائدة المطبخ فقط..تناولت فطوري..
وقطتي هنا وهناك تلعب....!
جلست بعدها أترقب السماء،،فهو شيء منذ الصغر،،كنت، ولازلت، ألجأ إليه كلما وجدت شيئا في نفسي يضايقني.....
جمال ذلك المنظر يأسرني،،بالصباح سماء زرقاء وسحاب أبيض هنا وهناك ينقلك لعالم بعيد،،وبالمساء لون أسود يحضن بين ثيابه أجمل المصابيح....
وعلى صوت العصافير ذهبت بي تلك اللحظات لعالم الخيال...
وقفت عند محطة الحب وسألت عن تذكرة،، فأخبروني أن : " لم يحن الوقت بعد لأسافر إلى ذلك العالم..! "بشيء من الحزن قلت في نفسي: "عموما لا أؤمن بالحب! "
ثم رجعت على خطواتي لتأخذني اللحظات مرة أخرى إلى عالم جديد...
قيل أن اسمه عالم الصداقة،،بخطوات سريعة اتجهت إلى المحطة أسأل عن تذكرة،،فأخبروني أن "تمهل،،فللصداقة ألوان وأشكال،،فأي تذكرة تختار؟؟"أجبت أن "لا يهمني،،أعطني ولا تسألني..! "وبكل شوق وأمل سافرت إلى ذلك العالم،،معتقدة أنه العالم الذي كنت أبحث عنه..أطلت البقاء،،فكم كان جميل ورائع ،،إحساس بذلك الشعور،، أنني وجدت أخيرا، المكان الذي أريد أن أستقر به،،وهذا ما كنت أعتقده... قبل أن يقاطعني ذلك المراقب في تلك اللحظة التي لم أحسب لها لقاء...
"عفوا سأقاطعك،،لكن هل لك أن تريني تذكرتك من فضلك؟ "قلت نعم وأنا مستغربة..ثم لحظات وقال:" آسف بنيتي ولكن تذكرتك لا تسمح لك بالبقاء في هذا العالم أكثر..!"لم تصدق أذني ما سمعته ،لكن ملامح ذلك المراقب أشعرتني بأن هناك أمر جاد..طأطأت رأسي...قلت نعم،،لكن وأنا أمشي وراءه والحزن بقلبي ،،سألته بصوت منخفض :"ظننت أنه لم يكن هناك تذكرة للرجوع في هذا العالم"..توقف ونظر إلي بملامح حزينة ثم أجاب:كل شيء وله حدود،،حتى في عالم الخيال،،قبل أن نضع أنفسنا بأي أمر لابد أن نسأل أنفسنا ماذا نريد ؟؟وإلى أين نستطيع أن نصل..؟؟لا نلقي بأنفسنا نحو الغريب حتى نصطدم بالحاجز ثم نتساءل..ثم زاد..."حينما كنت ستشترين التذكرة سألك البائع أي تذكرة تريدين،،فما كان جوابك؟""أجبت أنني لم أبالي بالنوع"..سكت لحظة ثم مد يده إلي وقال،،"هذه تذكرتك،،وهذا كان اختيارك.."
مسكتها وبقيت أنظر إلى ملامح ذلك المراقب،،فلم أستطع أن أفهم سبب ذلك،،ثم ألقيت نظرة على التذكرة،،،حينها رفعت رأسي نحو المراقب وسقطت الدمعة من عيني،،فهمت سيدي،،
تذكرتي بلا لون،،
خربشة وفقط..!
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

هناك تعليق واحد:

قوس المطر يقول...

الفكرة رائعة والسرد ممتع وشيق ..

والمعنى عميق عمق السماء .. يضيع القارىء بين زرقة سماءها ونقاءها الطاغى ..

:)